الثلاثاء، 20 مايو 2008

أشهر علماء الرياضيات {1}



{1}

أشهر علماء الرياضيات

أولا: أرخميــــدس:

حياته: ولد أرخميدس سنة 287 ق.م. في سيراكوس Syracuse .

استنتاجاً من كتاباته يُقدَّر أن والده كان يهتم بعلوم الفلك،هكذا نشأت الروح العلمية عنده ،في البيت أولاً و أكملها برحلات عديدة نحو الشرق و بصورة خاصة إلى مصر . يُقال أنه صديق الملك هيرون لا بل أحد أقاربه، كان أرخميدس أصلاً مهندساً و كانت الرياضيات أساساً لهذا التخصص في العصر، و قد اتجه نحو هندسة القياس و هنا جرت أغلبية أبحاثه و نشاطاته.

مبدأ أرخميدس العلمي: اكتشف المبدأ المعروف باسمه عن القوة التي تدفعها السوائل ضد كل جسم يغطس في سائل يتلقى دفعة من أسفل إلى أعلى تساوي حجم الجسم إذا كان السائل ماء، و لما اكتشف أرخميدس هذا المبدأ وهو في الحمام خرج في الشوارع صارخاً: لقد وجدتها، لقد وجدتها eureka, eureka " " من هذا المبدأ فسّر للملك هيرون سبب سير الأجسام على سطح الماء من مراكب و غيرها.

كل ذلك يعود إلى كون أرخميدس قد عاش قرب البحر كل طفولته و صباه فتعوَّد و تمرَّس في كل اسطحه. و التقاليد التي يمارسها البحارة.بذلك استطاع التوصل إلى فهم مبدأ الأجسام التي تغرق و الأجسام التي تعوم في الماء أو على سطحه .

الميكانيكا في خدمة الهندسة: استنتج المختلفة.انين الميزان و الكتلة استنادا إلى بعض المسلمات لكن هذه القوانين كانت معروفة سابقاً.كما استخدم مركز الثقل في المستويات المختلفة.فقد قضى قسما من حياته في تحديد مركز الثقل center de gravite عند الأجسام المتجانسة و المعروفة هندسياً.

درس قطاع الهرم المستقيم: هكذا كان يعرف اسم القطع المكافئ parabole و وضع له المعادلة التالية

ay=x(b-x)و وضع ذلك بشكل معادلة تشبه تعادل الميزان ،هذا الربط الذي وجده بين الهندسة و الستاتيك ،قلده إلى مجموعة اكتشافات ،أهمها :إن كل قطعة من القطع المكافئ تعادل (4أجزاء من ثلاثة)من المثلث الذي عنده القاعدة نفسها و الارتفاع نفسه

منة الحدس إلى التجريب :انتقل بعد ذلك إلى الكرة و برهن أن كل كرة تعادل أربع مرات الهرم الذي عنده قاعدة تعادل الكرة الكبرى في الكرة و الارتفاع يعادل الشعاع في الكرة و استطرد هذا في القطع الناقص و القطع الأهليلجي و غيره

كما حدد مراكز الثقل لكل من هذه الأشكال الهندسية :المستطيل ،المربع ،متوازي الأضلاع ،المثلثالخ ،و يعد تحديده أن كل كرة تعادل أربع مرات مساحة الدائرة الكبرى في الكرة نفسها.

أضاف أشياء كثيرة في الهندسة أهمها 47 اقتراحاً حول مساحة الهرم والأسطوانة و الكرة و القطاع الكروي مساحة و حجماًو أضاف مسائل جبرية حول الكرة و الأسطوانة في كتابه الثاني الذي يتناول هذين الشكلين الهندسيين بالبحث ،أضاف إلى ذلك مفاهيم رياضية كثيرة نهل منها علماء أوروبا كما نهل منها قبلهم العلماء العرب ،فقد كان كنزا ً من المعلومات و المعارف و الاكتشافات التي لا تحصى .حدَّد مركز الثقل في نصف الدائرة على محور التناظر .

ثانيا : بــــــارو اسحق Barrow- Isaac :

من علماء الرياضيات البريطانيين ، عمل أستاذ في جامعة كمبردج ، ساهم في إيجاد الحساب المتناهي في الصغر ، أوجد طريقة هندسية لتحديد المماسات “tangenles " على المنحنيات ، كما أوجد الصلة بين مسألة المماس والمسألة المقابلة لها في حساب المساحات ، وفي البصريات وضع حلا لمسألة تكوين الصور في النظارات ، تبعه نيوتن في الجلوس على كرسيه في الجامعة سنة 1669 م .

ثالثا : الحــــــــاسب

هو أبو كامل شجاع بن أسلم بن محمد الحاسب، مهندس وعالم بالحساب،ولد في مصر سنة 850 م و عاش وتوفي بها ، ويعتبر أحد أعظم علماء الرياضيات المسلمين والذي كانت لمؤلفاته بصمة في تاريخ الرياضيات ودليلا بإنجاز العلماء المسلمين وإبداعاتهم في العلوم وخاصة علوم الرياضيات .

إنجازاته :

تأكيدا على ما سبق ذكره ، فقد أعطى الحاسب علم الجبر دفعة جديدة بعد الخوارزمي في كلا جانبيه النظري والعملي ، وبلغ جبر الحاسب مستوى نظريا عاليا ، وعلى الرغم من اتجاهه الحسابي فإنه لا يخلو من استعمال البراهين الهندسية ، وهذا ينم عن عبقرية فذة ، اعتمد كثيرا على كتب الخوارزمي وأوضح بعض القضايا فيها ، كما أضاف إليها طريقة لضرب وقسمة الكميات الجبرية ، وجمع وطرح الأعداد الصم أوجد أيضا مساحات وحجوم بعض الأشكال الهندسية . وبقي أبو كامل الحاسب مرجعا لبعض علماء أوروبا حتى القرن الثالث عشر الميلادي ، إذ أن له السبق في حل المعادلة من الدرجة الرابعة والمعادلات الجبرية التي تحتوي على ثلاثة أو أربعة أو خمسة مجاهيل .

مؤلفاته : تعرض الحاسب في مؤلفاته إلى مسائل كثيرة حلها بطريقة مبتكرة لم يسبقه إليها أحد ، كما أن له دراسات جبرية عن الأشكال الخماسية وذات الأضلاع العشرة ، أما مؤلفاته فهي : كتاب " الجمع والتفريق " وهو كتاب يبحث في أصول حل المسائل الحسابية ، وكتاب " كمال الجبر وتمامه والزيادة في أصوله " ، وأيضا كتاب " المساحة والهندسة " وكتاب " الطير" الذي درس فيه أساليب الطيران .توفي الحاسب سنة 930 م .

رابعا : العـــــــاملي

هو محمد بن حسين بن عبدالصمد العاملي . ولد في بعلبك بلبنان سنة 1547 م ، ولقب بالعاملي نسبة إلى جبل " عامل " في لبنان ، وقد كان عالما في كل من الرياضيات والفلك . زار هذا العالم عددا كبيرا من البلاد ليتتملذ على أشهر علمائها المتخصصين ومن هذه البلاد التي زارها هو : المملكة العربية السعودية ، مصر والقدس و دمشق وحلب .

إنجازاته :

كان للعاملي دور واضح في تطوير علم الحساب إلى الحالة المعاصرة ، حيث قدم ابتكارات في أشكال الأرقام ، فقد ورد " الصفر " في مؤلفاته على شكل حلقة صغيرة . وقد قدم العاملي أفكارا جديدة فيما يتعلق باستخراج الجذور وحسابات الكسور وطرق حل المسائل الرياضية . اهتم بعلم الفلك بقدر اهتمامه بعلماء الرياضيات وله في علم الفلك نظريات هامة ، اعتمد على كثير من الدارسين لمدة طويلة .

أما مؤلفاته في علم الرياضيات فهي : كتاب " الخلاصة في الحساب " الذي ترجم إلى عدد كبير من اللغات الأجنبية منها الألمانية والفرنسية ، وتضمن هذا الكتاب بحثا في مساحات سطوح الأجسام المختلفة كالكرة والمخروط وغيرهما ، كذلك شرح فيه العاملي قياس الارتفاعات وعروض الأنهار وأعماق الآبار واستخراج المجاهيل باستخدام علم الجبر وإيجاد الجذر الحقيقي للمعادلة الجبرية . أما مؤلفاته في علم الفلك فهي : كتاب " رسالة الهلالية " وكتاب " تشريح الأفلاك " وكتاب " الرسالة الاسطرلابية ".

توفي العاملي في 1622 م

خامسا : فيثـــــــاغورس:phythagores

ولد في ساموس حوالي السنة 580 ق.م. و توفي حوالي 504 ق.م.فيلسوف و عالم رياضيات ،عاش مدة في مصر حيث درس الخرائط السماوية .ثم استقر حوالي السنة 530 ق.م. في كريتون _ اليونان في منزل ميلون الشهير،هنا أسس مدرسة فلسفية ،درّس فيها أن مخلوقات الأرض يمكن الدلالة عليها بالعدد و أن الأعداد هي عناصر كل الأشياء و أن العالم كله ليس سوى تناغم و حساب و بذلك اعتُبر العدد هو أساس كل شيء ، يقال أن فلسفته تأثرت بفلاسفة الهنود و أنه سافر إلى الهند من رحلاته (البراهمانية)

بصفته عالم ،يعتبر من واضعي أسس الرياضيات في العالم ، فهو عدا نظرية الأعداد عنده ،وضع نظرية تقول :أن مربع الوتر في المثلث القائم الزاوية يساوي مجموع مربع الجهات الأخرى و هذه النظرية معروفة باسمه . كما وضع العلاقات الرياضية التي تحسب الأصوات الموسيقية .يقول دوجان أنه تنبأ بنظرية دوران الأرض حول نفسها .

قام تلامذته بتوسيع فلسفته و آرائه فعملوا على تطبيق نظرية الأعداد على الكوسمولوجيا و التيولوجيا و السيكولوجيا و الأخلاق ، رسموا العدد واحد بالنقطة و كل عدد له شكل . هناك الأعداد و الأعداد المزدوجة و الأعداد الكاملة و الأعداد الناقصة و الأعداد المتحابة و غيرها و في الفلك أيضاً……

بقي العديد من العلماء متأثراً بالمدرسة الفيثاغورية هؤلاء الذين يفكرون مثل جاليله أن الكتاب الأكبر مكتوب بلغة الرياضيات .

من أشهر إنتاجه في مجال الرياضيات :

_"جدول فيثاغورس "و هو جدول ذو مدخلان يساعد في وضع جداول عديدة مثل جدول الجمع و جدول الضرب و غيرها

_ في الهندسة النظرية المعروفة باسمه و تطبيقاتها .و قد مرّ ذكرها سابقاً و بشكل آخر :أن مساحة المربع المبنى على وتر المثلث القائم الزاوية ،تساوي مجموع مساحة المربعين المبنيين على الجهتين الأخريين.

سادسا : القــــلصـــــادي

هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي القرشي البسطي المعروف بالقلصادي ، من أشهر الرياضيين الذين ظهروا في القرن التاسع للهجرة . ولد في مدينة " بسطة " في الأندلس . درس ، بادئ الأمر في بسطة على أشهر علمائها ثم رحل إلى غرناطة حيث درس كل العلوم على يد أساتذة أجلاء كان لهم الفضل في إعداده لأن يكون في مصاف كبار الرياضيين .

لم يكتف بذلك ، بل رحل إلى الشرق حيث اجتمع بأعلام الفكر والعلم آنذاك فاستفاد كثيرا . بعد ذلك ذهب إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ثم عاد إلى غرناطة حيث طابت له الإقامة ، لكن حروب الأمراء هنالك اضطرته إلى الهجرة إلى أفريقيا . توفي في باجة من أعمال تونس بعد أن تتلمذ عليه الكثيرون .

إنجازاته :

اشتغل القلصادي بالحساب وألف فيه تآليف نفيسة ، وأبدع في نظرية الأعداد ، وله في ذلك ابتكارات كما له بحوث في الجبر جليلة . وكتابه المعروف " كشف الأسرار عن علم الغبار " يثبت للأوروبيين أنه استخدم الإشارات الجبرية وأنها استخدمت عند العلماء المسلمين . مثل "جـ " تعني كلمة جذر ، و "ش" ( أول حرف من كلمة شيء ) أصبحت س فيما بعد مثل x ، وعلامة المساواة "ل" نسبة لآخر حرف لكلمة عادل . الخ .

وأخذ عنه علماء أوروبا فيما بعد الكثير وخاصة فيما يتعلق باستخراج الجذور الصم .

ومن آثار القلصادي نذكر :

· كتاب "كشف الجلباب عن علم الحساب" من أشهر الكتب وهو أربعة أجزاء .

· كتاب "كشف الأسرار عن علم حروف الغبار" وفيه تفصيل لكل العمليات الحسابية وقد بقي يدرس في مدارس المغرب حتى القرن العشرين .

· كتاب "قانون الحساب ".

· كتاب "تبصرة في حساب الغبار" .

· وله شرحان لكتاب تلخيص الحساب لابن البناء ، أحدهما كبير والآخر صغير ، وكتب له خاتمة تبحث في صورة تشكيل الأعداد التامة والناقصة والزائدة والمتحابة .

سابعا : المغــــــربي

هو السموءل بن يحيى بن عباس المعروف بالمغربي ، حيث أنه ولد في المغرب ولكن لا يعرف تاريخ ميلاده . نشأ المغربي في بيئة علمية ، فقد كان والده من علماء الرياضيات ومن ثم فقد شجعه على دراستها . درس كتاب " الأصول " لأقليدس وكتاب " البديع في الجبر " للكرخي ، كما درس معادلات الجبر التي ابتكرها أبو شجاع بن أسلم الحاسب المصري .

إنجازاته :

طور المغربي الطريقة التحليلية في علم الجبر ، التي مهدت لاكتشاف علم الجبر الحديث . استطاع أن يؤلف كتابا في الرياضيات أطلق عليه " الباهر في الجبر" وهو في التاسعة عشرة من عمره ، ويتكون هذا الكتاب من أربعة أجزاء ، يعرض الجزء الأول منه العمليات الرياضية التي تجري على كثيرة الحدود لمجهول واحد ، بينما يتناول الجزء الثاني منه معادلات الدرجة الثانية ، أما الجزء الثالث من الكتاب فقد خصصه المغربي لشرح الكميات غير القياسية ، وانفرد الجزء الرابع بتطبيق الأسس الجبرية على عدد من المسائل الرياضية .

وغير الرياضيات فقد كان المغربي أيضا من مشاهير أطباء الأمة الإسلامية في القرن الثاني عشر الميلادي ، وقد مارس الطب والصيدلة معا .

ومن أشهر كتب المغربي : كتاب " إعجاز المهندسين " وكتاب " الموجز في الحساب " وكتاب " في المياه " وكتاب " المفيد الأوسط في الطب " وقد قدم الكسور العشرية في كتابه " القوامي في الحساب الهندي " .

توفي المغربي عام 1174 م .

إنتهى ...



تعليم الرياضيات من المنظور النفسي {2}


{2}


تعليم الرياضيات من المنظور النفسي


أولاً: مقدمة


إننا، إذا استعرضنا الرياضيات استعراضًا صحيحًا، لما وجدنا فيها الحقيقة
وحسب، بل وجدنا جمالاً ساميًا أيضًا، جمال البرودة والقسوة والصرامة. إنه جمال فيه
الصفاء والسناء والمقدرة على بلوغ الكمال الذي لا يُتاح إلا لأعظم الفنون.


يطرح موضوع تدريس الرياضيات نفسه في كلِّ وقت وفي كلِّ مكان، بدءًا من أسبق
البلدان في التقدم العلمي وحتى أقلها نصيبًا منه.


هل المطلوب هو تعليم الرياضيات في إطار تسهيل الاندماج في المجتمع؟ أم أن
علينا أن نتساءل عن أية رياضيات يجب أن تدرَّس، وبأي أسلوب، وضمن أيِّ اعتبار
للصرامة الرياضية؟ هل يجب إعداد الطفل، منذ البداية، للمادة التي يجب أن يعرفها إذا
كان سيختص فيما بعد في مجال الرياضيات، أم يجب تدريبه فحسب على التفكير رياضيًّا
بشكل سليم؟ – على أن يستوعب المعلومات، أم – بالأحرى، وبدرجة أكبر – على تعلُّم
فنِّ التفكير؟


لا نستطيع الإجابة على أيِّ سؤال من هذه الأسئلة إنْ لم نناقش موضوع الأهداف
التي نرجو بلوغها من هذا التعليم। هكذا يختلف المنظور الذي نطرح من خلاله موضوع
تعليم الرياضيات باختلاف رؤيتنا للرياضيات نفسها، وباختلاف الغرض الذي نرجو بلوغه
من خلال هذا التعليم. لذا أبدأ حديثي حول طبيعة الرياضيات، فأرى أن الرياضيات هي
مجموعة من المعارف والمعلومات، وأن الرياضيات هي لغة عالمية، وأن الرياضيات هي
رياضة ذهنية، وأن الرياضيات هي علم وفن.

إن تدريس الرياضيات على هذا الأساس يمكن أن يجري باتجاه أهداف مختلفة؛ أو
لنقل إنه يمكن أن يوجَّه على مستويات مختلفة:


1. امتلاك حدٍّ أدنى من المعارف الرياضية، وبناء الحدِّ الأدنى من ذهن
رياضي، بما يكفي للتعامل مع الناس والأشياء بطريقة جديدة، بحيث لا يجد المرء صعوبة
اجتماعية سببها نقصٌ في معارفه أو في تكوينه وتأهيله الرياضيين.


2- يحتاج تعلُّم الحدِّ الأدنى من لغة الرياضيات، وأيضًا بناء الذهن
الرياضي الكافي لإتمام اختصاص دراسي ما، إلى مقدار أو آخر من الرياضيات، وللقيام
بالعمل بسهولة أكبر ضمن هذا الاختصاص (الهندسة، التكنولوجيا، التجارة، إلخ).


3. الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك في تعلُّم الرياضيات (كمعلومات، من جهة،
وكبناء للفكر أيضًا، من جهة أخرى). إذ إن من يتذوق الرياضيات كفنٍّ رفيع، ويؤمن بها
كعلم، أي كطريق، أو كأحد الطرق التي تساعد الإنسان في بحثه عن الحقيقة، سوف يمضي،
بالقدر الذي يستطيع، في متابعتها؛ وقد تصبح محور حياته. ذلك هو الرياضي، سواء كان
مدرِّسًا أو أستاذًا جامعيًّا أو باحثًا إلخ.


إن قلة من الطلاب سيصلون يومًا إلى اتخاذ الرياضيات اختصاصًا لهم. وأكثر
منهم بالتأكيد أولئك الذين يحتاجون إلى تعلُّم لغة الرياضيات لاستخدامها في
دراستهم، ومن بعدُ في عملهم। لكن الناس جميعًا مدعوون للإلمام بالمعارف الرياضية
الأساسية والضرورية في الحياة اليومية، التي تزداد أكثر فأكثر مع التقدم العلمي
والتقني والاجتماعي؛ والناس جميعًا مدعوون أيضًا لبلوغ الحدِّ الأدنى من القدرات
الذهنية اللازمة للتواصل مع الأشياء والأشخاص، والقيام بمختلف الأعمال التي يتطلَّب
الكثيرُ منها جهدًا ذهنيًّا ما. وعلى هذا المستوى من تعليم الرياضيات سيتركز معظم
حديثنا.





ثانيًا: دور الحب: محبة الرياضيات وتدريسها ودراستها


نعيش في هذه الأيام، ويعيش المجتمع ككل، همَّ امتحانات الشهادتين الإعدادية
والثانوية وهواجسها. وتتردَّد في أوساط الطلاب وذويهم، وفي كلِّ مكان واجتماع، كلمة
"رياضيات"، منطوقةً بلهجة العداء وممزوجة بمشاعر الخوف والقلق (ليس عند الجميع؛
فهناك فئة يرضيها هذا الوضع).


ليست الرياضيات مادةً محبوبة بشكل عام. والحال، فإن صعوبتها ستبقى أبدًا
عائقًا في وجه الطلاب. ذلك أن الحبَّ شرطٌ لا مناص منه للسير في درب الرياضيات.
وتؤكد الخبرة الحياتية على أهمية هذا العامل (الحب) في مجالات الحياة كافة. ولنحصر
حديثنفي التعليم: عندما يُسأل طالب: "لماذا لا تدرس الرياضيات؟" و/أو "لماذا أنت
ضعيف في الرياضيات؟"، نجد أن الإجابة الأكثر تكرارًا بين الإجابات الأخرى هي: "لا
أحبها!" وفي الدرجة الثانية من تكرار الإجابات نسمع عبارة: "ما بحب الأستاذ (أو
الآنسة)!" وعلى العكس، نجد الطالب المتفوق في الرياضيات يؤكد شديد حبِّه وولعه بهذه
المادة، ونراه يدرسها، حتى بغضِّ النظر، في كثير من الأحيان، عن اهتمامه بالعلامات.


أردت أن أبدأ بطرح العلاقة بين حبِّ المادة وإمكانية دراستها (وأيضًا بين
حبِّ المدرِّس للمادة ونجاحه في تدريسها) لما أعوِّله من أهمية بالغة على هذا
الموضوع. ذلك أنني أعتبر المحبة أساس كلِّ عمل ناجح، فأرى أن محبة الرياضيات، إذن،
ضرورة أساسية لمن يريد أن يتعامل معها بسلام، أن يدرسها ويتقدم فيها باستمرار، أو
يتخذها واسطةً في إتمام عمله – للطالب الذي يدرسها، وللمعلِّم الذي يدرِّسها،
وللمهندس أو التقني الذي يستخدمها في تطبيقاته المختلفة. وإذا كنَّا نتحدث عن
العلاقة بين حبِّ الرياضيات ودراستها فإن أسئلةً عديدة تُطرَح هنا:


السؤال الأول: ما الذي يجعل مادة الرياضيات – تحديدًا – محبوبة عند طالب
أكثر من الآخر؟ هل يتعلَّق الأمر بالمادة نفسها أم بتكوين الطالب (النفسي،
الاجتماعي، الوراثي، إلخ)؟ أم يمكن أن يتعلَّق الأمر أيضًا بظرف خاص يحدِّد توجُّه
الشخص؟


لا شكَّ أن هناك ما يُسمَّى "الموهبة"؛ وهي تلعب دورًا كبيرًا في دفع الطفل
إلى محبة الرياضيات. بيد أن توفُّر الموهبة ليس أمرًا خاصًّا أو استثنائيًّا، بحسب
الرأي السائد، بل هي الحالة الطبيعية عند كلِّ طفل. تمامًا كما نستطيع القول بأن
حبَّ الرياضيات هو الأمر الطبيعي والأولي. إنما يغيب هذا الحب، كما تغيب الموهبة،
مع نموِّ الطفل نتيجة ظروف وعوامل مختلفة، هي جزء من محيط الطفل ومن طريق نموِّه.

يرى بيير داكو أن الطفل يولد مزوَّدًا بجميع المواهب الممكنة (الشعر،
الموسيقى، الرياضيات، إلخ)، وأن مؤثرات البيئة والمحيط تحدُّ، شيئًا فشيئًا، من هذه
المواهب إلى الحدِّ الذي نظن معه أنها لم تكن! وفي أحيان قليلة، تفلت إحدى هذه
المواهب (أو أكثر)، وتلقى ظروفًا ومناخًا يساعدانها على أن تنمو وتتفتح. ولكن، حتى
الموهبة "الكبيرة" والمميزة قد تخبو وتنطفئ إن لم تلقَ الجوَّ المناسب لنموِّها
(مثل زراعة الحبوب).


يجب أن يتوفَّر اهتمامٌ كبير في المرحلة الأولى من عمر الطفل، سواء في
تعليمه بعض الأشياء في البيت أو في سنواته الدراسية الأولى. يجري التركيز في هذه
السنوات عادةً على تعليم الطفل المعارف الرياضية الأساسية التي لا بدَّ من تعلُّمها
عاجلاً أو آجلاً (العد، العمليات الأساسية وخوارزمياتها، الكسور، إلخ). ونتوقف هنا
عند بعض النقاط:


1. ليس المطلوب أن ندفع الطفل إلى حبِّ الرياضيات؛ فتلك هي الحال
الطبيعية. إنما علينا أن ننتبه، بقدر ما نستطيع، لكلِّ ظرف، مهما كان طفيفًا، يمكن
أن يولِّد النفور من الرياضيات أو التراجع في تعلُّمها. ولنتوقف عند مثالين:


· طفل في بداية تعلُّمه، يتعلَّم العد حتى العدد 10. يحب والداه أن
يفاخرا به أمام أصدقائهم وزوارهم، وهم كثيرون. يطلبون إليه في كلِّ مرة إظهار
مهارته في العدِّ أمام أشخاص قد يشعر أمامهم بالخوف أو بالغربة. ينتهي به الأمر إلى
رفض داخلي لاواعٍ لإظهار ما يعرف، أو حتى لتعلُّم المزيد، فيبدأ، دون أن يشعر، يكره
الرياضيات، حتى قبل أن يعرف اسمها!


· طالبة في المرحلة الابتدائية، علاماتها جيدة في مادة الرياضيات.
تضطر للتغيب يومًا، فيفوتها حضورُ درس القسمة على عدد مؤلَّف من رقمين. لا ينتبه
والداها في البيت لضرورة تعويض ذلك. ويمنعها خجلها أن تطلب هي نفسها من المعلِّمة
أو من الأهل أو من إحدى رفيقاتها مساعدتها في فهم الموضوع؛ بل إن خجلها يدفعها
للتهرب من إظهار عجزها عن القيام بتلك العملية. ينتج عن ذلك عدم قدرتها على متابعة
الدروس التالية وفهمها، وتبدأ علاماتُها بالتراجع. ثم تبدأ الطالبة تؤكد لنفسها،
بمرور الزمن، أن الرياضيات مادة صعبة، وأنها لا تحب الرياضيات.[1]


وهناك الكثير من العوائق الأخرى، ذكرنا منها الضغط والخجل. كما يمكن أن تكمن
الصعوبة في اللغة، في تغيير المدرسة أو مكان الإقامة، في الغيرة، إلخ. مثال من
تاريخ الرياضيات، غاوس: ماذا لو أن والد غاوس انتهره، ورفض إعادة الحسابات؟


2. إن ما يجري في المرحلة الأولى من التعليم، أي نقل المعارف الرياضية
الأساسية، أمرٌ على جانب كبير من الأهمية. وإذا كانت فكرة إعداد الطلاب منذ الصغر،
وتحضيرهم من منطلق أن بعضهم يمكن أن يجعلوا من الرياضيات اختصاصًا لهم، هي فكرة
يُشَكُّ في فعاليتها، إلا أن من الضروري جدًّا ألا تُعطى المعلومات الرياضية في هذه
المرحلة بطريقة يمكن أن تخلق مشاكل مستقبلية، حتى ولو بدت هذه الطريقة أسهل بالنسبة
للطالب. إن الطالب الذي يتعلَّم أن عملية طرح 2 من 1 هي عملية غير ممكنة، لن
يتقبَّل بسهولة، ولن يفهم ببساطة فيما بعد، أن 1 - 2 = -1. ونرتكب الخطأ نفسه، مرةً
أخرى، عندما نعلِّم الطلاب أنه ليس للعدد السالب جذر تربيعي، أو أن المعادلة
التربيعية مستحيلة الحلِّ عندما يكون المميِّز أصغر من الصفر، ثم نقول في المستقبل
عكس ذلك، عندما يدرس الطالب موضوع الأعداد العقدية.


نخلص إلى طرح السؤال الذي بدأنا منه بشكل مختلف. فبدلاً من أن نسأل: ما الذي
يجعل مادة الرياضيات محبوبةً عند طالب أكثر من رفيقه، نسأل بالأحرى: ما الذي يُفقِد
الطالبَ، في سنٍّ مبكرة في أغلب الأحيان، محبة مادة الرياضيات؟ ونرى أن هناك
أسبابًا كثيرة، أغلبها قد لا يبدو ذا أهمية كبيرة، لكنه في الحقيقة كذلك!


السؤال الثاني: كيف نساعد الطالب على أن يحبَّ الرياضيات، أو أن يستعيد، إذا
جاز القول، محبة الرياضيات؟


كما رأينا، يجب في المرحلة الأولى، إذن، أن نجتهد في إزالة العوائق والظروف
التي قد توقف مسيرة التعلُّم أو الموهبة الرياضية. لكن ذلك غير ممكن كليًّا من
الناحية العملية؛ إضافة إلى أن الرياضيات تزداد صعوبةً كلما تقدَّم المرء في
دراستها. والحال، يستحسن وجود طرق تجعل دراستها أكثر قبولاً وراحة. وتلعب خبرةُ
المدرس دورًا كبيرًا في هذا المجال. ويمكن أن نقدِّم هنا بعض المقترحات:



1. الإكثار من استخدام وسائل الإيضاح المختلفة، ولاسيما الحديثة منها. إن
استخدام الكمبيوتر أمرٌ مفيد جدًّا إذا أمكن توفيره، خصوصًا مع وجود برامج تعليمية
متطورة وفعالة.


2. اللجوء إلى الألعاب والمسائل الرياضية المسلية التي تلعب دورًا كبيرًا
في عملية بناء العقل الرياضي، حتى وإن لم تقدِّم معلومات جديدة أو هامة। إن مثل هذه
الرياضات الذهنية تقدِّم الرياضيات كمادة للترويح عن النفس؛ ويمكن للتلميذ، من
خلالها، سواء في البيت أو في المدرسة – وضروري أن يوجد مثل هذا النشاط في المدرسة –
أو في نوادٍ خاصة، أن يمارس "هواية الرياضيات".


3. يمكن للمدرِّس التركيز على بعض الفقرات الجذابة التي تقدِّم شيئًا
غريبًا وممتعًا، وتُظهِر البعد الجمالي في الرياضيات بشكل أوضح. على سبيل المثال،
يمكن، عند إعطاء درس المتتاليات، أن تقدَّم فكرةٌ عن متتالية فيبوناتشي، وعن
علاقتها بالطبيعة وبالفن، وعن العدد الذهبي وبعض خواصه، إلخ.



4. يمكن للمدرِّس، في أوقات ملل التلاميذ، بعد فقرة طويلة أو صعبة، أو
عند أية فرصة مواتية، أن يتحدث عن سيرة بعض الرياضيين الكبار في التاريخ وإنجازاتهم
(خصوصًا العلماء العرب)، أو عن قصة برهان نظرية معينة أو اكتشاف رياضي هام (غاوس
مثلاً).


5. يمكن أن تُطرَح على الطلاب بعض المسائل الرياضية العالقة، حتى وإن بدا
حلُّها متعذَّرًا عليهم (مثال مُبرهَنة فيرما، والشخص الذي أثبتها في النهاية)।
يؤجِّج ذلك حماسًا كبيرًا وإمكانية لعمل يعطي مردودًا كبيرًا، حتى لو لم يتوصل
الطالب إلى حلِّ المسألة (فالثمرة هي الجهد الذي بذله، وهي النمو الذهني الذي
حقَّقه نتيجة لهذا الجهد).[3]


6. تُعتبَر فترة البلوغ مرحلة نموٍّ وتكوُّن ليس جسميًّا فقط، بل ذهني
ونفسي أيضًا. وإذا وافقنا على أن الرياضيات هي رياضة ذهنية، فضلاً عن كونها مجموعة
من المعارف، وعلى أنها، بالإضافة إلى كونها علمًا، فنٌّ أيضًا، فإن من الضروري، في
هذه المرحلة، التركيز على إعطاء الرياضيات كتدريب ذهني، لا كمعلومات جامدة (مثال حل
المسألة باستخدام المعادلات). إن دراسة الهندسة المستوية هي نموذج رائع لتربية
القدرات الحدسية والتركيبية إذا أُعطِيَتْ بالطريقة المناسبة، لا كحفظٍ لمعلومات
ومُبرهَنات، ومن ثم تطبيقات عددية لها. ولنقل أيضًا إن عملية بناء الذهن الرياضي
يمكن أن تنمَّ أحيانًا بطرق ليست من صلب الرياضيات، كلعبة الشطرنج مثلاً.[4]


7. لننتبه دومًا إلى أن تحميل الطالب فوق طاقته، ووضعه في محلٍّ لا
يناسبه، أمرٌ يعود بالأذى على الطالب نفسه، وعلى الآخرين أيضًا. إن مسيرة التعليم
هي مسيرة تمييز في الوقت نفسه؛ وفي هذه المرحلة من التعليم (بين الإعدادي والثانوي
تقريبًا) يظهر جليًّا أن بعض الطلاب، وقد أخذوا ما هم في حاجة إليه من الرياضيات
لحياتهم العملية، باتوا غير مؤهَّلين لأن يتابعوا أكثر من ذلك؛ ولا بدَّ حينئذٍ من
عملية فصل (هذا ما يجري عمليًّا بعد الصف التاسع، ولكن؟!). أما في المرحلة التي
تسبق الفصل فمن الضروري الحرص على ألا تكون صعوبة المادة عائقًا أمام معظم
التلاميذ؛ أي أن يكون مستوى ما يُعطى ملائمًا للأغلبية بقدر الإمكان، مع إمكانية
توجيه المتفوِّقين والمميَّزين بطرق أخرى، كتوجيههم إلى قراءة كتب معينة، وإعطاء
دروس إضافية لِمَنْ يحب (غير الدروس الخاصة).


نشدِّد أخيرًا على أن عملية الفصل هذه لا تعني أبدًا عملية تفضيل لفئة على
أخرى، بل تمييز لإمكانات كلِّ شخص ومواهبه؛ وهو فصل يجب أن يكون طوعيًّا بقدر ما
تسمح الظروف والإمكانات.


8. هناك دومًا فقرات طويلة وصعبة ومرتبطة فيما بينها. إن من الضروري
جدًّا الحفاظ على الدقة الرياضية، وتعويد الطلاب على أهميتها. ومع ذلك فإن من
الضروري، في بعض الأحيان، اللجوء لاختصار بعض الأمور أو تقديمها بشكل سريع، قبل
شرحها بالتفصيل؛ إذ إن شرحًا دقيقًا وصحيحًا بشكل كامل، وبالتالي أطول وأصعب
بالضرورة، غالبًا ما يحجب النتيجة التي يُراد بلوغها، بدلاً من أن يُظهِرها. إن
إهمال بعض الشروح الصغيرة أو التعليلات التي يمكن للطالب (ويُطلَب منه) أن يعرفها
بنفسه أمرٌ يساعد الطالب على أن لا يحفظ التمرين أو المُبرهَنة عن ظهر قلب، وأن
يفكر هو نفسه بالبرهان، وأن يطرح التساؤلات، وأن يتمِّم جزءًا من العمل بنفسه،
فيكون له ذلك فرصةً إضافية لنموِّ تفكيره الرياضي.[5]


السؤال الثالث الذي أودُّ طرحه يتعلَّق بحبِّ المدرِّس نفسه للمادة التي
يدرِّسها. هل من الضروري أن نذكِّر أن التعليم – وهو رسالة من حيث المبدأ – قد
امتُهِنَ إلى أقصى الحدود! (لاحظوا أنني أنتقد نفسي فيمن انتقد.) وهل ثمة داعٍ لأن
نقول إن هناك فرقًا بين مدرِّس دَرَسَ الرياضيات لأن علاماته في البكالوريا لم تسمح
له بما هو "أفضل"[6]، ثم درَّس الرياضيات لأن التدريس مهنة تكفل له معيشته، وبين
مدرِّس أحبَّ المادة، فدَرَسَها، ورأى ما فيها من متعة وأهمية، فأحبَّ أن ينقلها
إلى غيره أيضًا. وكم يبلغ عدد، أو كم تبلغ نسبة هؤلاء المدرِّسين، أي الفئة الأخيرة
التي تحدثت عنها؟!


علينا ألا نشكو من أن طلابنا لا يحبون الرياضيات إذا كنَّا نحن – أساتذة
الرياضيات – لا نحبها، وإذا كانت لا تعني في نظرنا أكثر من وظيفة وراتب و"دروس
خصوصية". إن حبَّ الرياضيات يمكن أن ينتقل من المعلِّم إلى التلميذ انتقال المرض
بالعدوى. أما إنْ غاب عند المدرِّس نفسه فإنه سيُفقَد بالتأكيد عند الطالب، حتى ولو
كان موجودًا بدرجة أو بأخرى! ولما كان من الصعوبة بمكان زرع حبِّ الرياضيات وحبِّ
التعليم في قلب مدرِّس لا يرى في الأمر أكثر من واجب وظيفي، فإن من الأهمية بمكان
حسنَ اختيار المدرِّسين، لا من ناحية المستوى العلمي فحسب، بل، أولاً، من حيث
محبتهم لعلمهم ولعملهم، ومن حيث استعدادهم لرسالتهم، لا من أجل عملهم ذلك. إن ما
يُبنى على الصخر يثبت؛ أما ما يُبنى على الرمل فينهار مع أول هبَّة ريح.


ثالثًا: بين توجيه التعليم والعامل الذاتي أو حرية اختيار المادة

إن أيَّ نوعٍ من النشاط التربوي هو – موضوعيًّا – نوع من العنف الرمزي،
بوصفه فرضًا، من قبل جهة متعسِّفة، لتعسُّف ثقافي معين.


بيير بورديو


حتى لو كانت الجهة هي العالم كلَّه، أي حتى لو كان العالم كلُّه – وأنا منه
– يقرُّ بأن الرياضيات علم هام ومن الضروري تعلُّمه، يبقى هذا العلم – أو أيِّ علم
آخر سواه – نوعًا من تعسُّف ثقافي، لأنه لا مقياس حقيقيًّا ومطلقًا يؤكد أو ينفي
صلاحيته. يمكن أن نقول إنه "أفضل الموجود"، أو إنه الموجود والمتَّبع في كلِّ مكان،
لكننا لا نستطيع القول إنه حتمي! – هذا على صعيد عام. وعلى صعيد جزئي، يتكرر
السؤال: ما هو الأهم في تعليم الرياضيات؟ أية فقرات نعطي في مرحلة ما من مراحل
التعليم؟ كيف نختار المنهاج؟ إلخ.


تتراوح الاتجاهات بين التطرف الشديد والاعتدال؛ لكنها تُجمِع بالتأكيد على
ضرورة مراجعة النظرة التي تُرى من خلالها العمليةُ التربوية والتعليمية.


كان جان جاك روسو، في كتابه إميل، أول فيلسوف نادى بإعادة النظر في مفهوم
التعليم، وأعاد الاعتبار للطفل، ودعا إلى النظر في حاجاته ومتطلَّباته، لا إلى فرض
تعليمنا ومنهجنا عليه. "إن أسلوبهم" [أي الأطفال] – والكلام لروسو – "يختلف عن
أسلوبنا، وما هو في نظرنا فنُّ التفكير والاستدلال هو عندهم فنُّ الرؤيا. وبدلاً من
أن نقدِّم لهم أسلوبنا وطريقتنا، يجدر بنا أن نتبنَّى طريقتهم."


كان روسو يطالب بما لا يقلُّ عن امِّحاء المعلِّم أمام الطفل، وعن تبنِّي
مقولة أن التربية ليست تقديم معلومات، بل بالأحرى استراتيجية ترمي إلى تكوين نفسية
وذهن ناضجين. كان روسو يعارض الفكرة الشائعة القائلة بأن الطفل ورقة بيضاء، لنا أن
نكتب عليها ما نريد. وبخصوص الرياضيات، أشار إلى ضرورة احترام الطفولة، غير القادرة
على الحكم ولا على البرهان، وبالتالي، على وجوب عدم تلقينها الرياضيات. هو ذا يقول:

إن الآخرين يعارضون فكرتي، مؤكِّدين أن الأطفال يتعلَّمون مبادئ الهندسة.
لكن هذا القول قول مردود؛ إذ إن الطفل يستطيع أن يحفظ برهانًا ما، لكنه، عند أدنى
تغيير في صياغة هذا البرهان أو في الرموز المستخدَمة، أو حتى في حالة قَلْبِ الشكل
الهندسي المعبِّر عن المسألة المطروحة، يضيع في أغلب الأحيان. إن معرفته كلَّها
تتوقف إذًا عند مستوى الحسِّ، ولا تتعداه إلى مستوى الفهم العميق.


من الأكيد أننا نلمس شيئًا من التطرف في أفكار جان جاك روسو (على أهميتها
الكبيرة). إن تدريس الهندسة، إذا كان يرمي إلى بناء فكر رياضي، لا إلى حفظ معلومات،
أمرٌ ممكن، حتى لأعمار أصغر من المعتاد، على أن تُراعى الطريقة التي تقدَّم بها
المادة.[7]


مثال على ذلك رسم مثلث أضلاعه 3، 5، 9. سوف يفهم الطالب (وإن لم يستطع
التعبير عن ذلك) أن رسم هذا المثلث مستحيل؛ بل سيفهم أن من المستحيل رسم مثلث أحد
أطوال أضلاعه أكثر من مجموع الضلعين الآخرين. وعندما نطرح أمامه هذه الحقيقة
كمبرهَنة فيما بعد، سيكون من السهل عليه تمامًا فهمُها لأنه "اختبرها".


يرفع الشعار الحديث للتربية مقولة: "التربية من أجل الطفل، وليس الطفل من
أجل التربية." إن ردَّ الاعتبار للطفل بهذا الشكل لم يأخذ أبعاده كلَّها إلا مع
تقدم التحليل النفسي الذي يرى في كلِّ تربية، سواء شئنا أم أبينا، عمليةَ كبت
منظَّم للدوافع وللمواهب، وأن التربية الأصلح هي التي تستطيع أن تنظِّم، بأفضل ما
يمكن، هذه الدوافع والمواهب وتوجِّهها.[8]


يتناقص الدافع الذاتي عند الطالب كلَّما كان المنهاج المفروض والطريقة
المتَّبَعة في إعطائه أكثر تحديدًا وحصرًا. ويبحث خيالُه دومًا عن مجال لعمل العقل
أكثر بُعدًا عما هو مفروض عليه. إنه يسعى لأن يستكشف، لا أن يتلقى. نلمس هذه
الحقيقة في أسئلة الطلاب المهتمين بالرياضيات؛ فغالبًا ما يطرحون أسئلة يستبقون بها
الدروس التالية.


كان والد بليز باسكال، الفيلسوف والرياضي الفرنسي الكبير ومخترع أول آلة
حاسبة ميكانيكية، يرى أن من المبكر على ولده أن يدرس الهندسة، وكان يعوِّل أهمية
أكبر على دراسته اللغتين اللاتينية واليونانية. لكنه استسلم للأمر عندما وجد ولده
ذات مرة يحاول البرهان على إحدى المسائل من كتاب المبادئ لإقليدس، بعد أن كان قد
قطع شوطًا كبيرًا في دراسة هذا الكتاب دون علم والده. من حسن الحظ أن والد باسكال
شجَّع ولده منذئذٍ على دراسة الرياضيات، متخليًا عن قناعته التربوية الخاصة. ولكن
أليس من الممكن جدًّا أن باسكال الصغير ما كان ليبدي هذا الاهتمام بالهندسة لو أنه
تلقَّاها بطريقة تلقينية حفظية، وفي إطار منهاج مُلزِم ومفروض؟


يتبنَّى العاملون في وضع المناهج الحديثة وجهة النظر هذه. ويفترض واضعو
البرامج التعليمية أن أحدًا لا يستطيع أن يتنبأ بنوع الرياضيات التي ستفيد طلاب
اليوم في مستقبلهم من أجل نموٍّ أفضل. لذا يحاول المجدِّدون أن يجعلوهم يضعون
الرياضيات التي يريدونها هم بأنفسهم.


تسعى المناهج الحديثة لأن تكون أكثر مرونة، بحيث تتيح للمدرِّس قدرةً أكبر
على التكيف مع حاجات الطلاب، ومع مقدار جهدهم ومدى استيعابهم، وبحيث تتيح للطالب
مجالاً للاستكشاف بنفسه، وللبحث عما يريد أن يدرس ويتعلَّم، وعبر طرق مختلفة
أحيانًا. ويتطلَّب تطبيق مثل هذه المناهج إمكانيات مادية كبيرة؛ إذ ينبغي أن يوجد
في الصف الواحد أقل عدد ممكن من التلاميذ، إضافة لضرورة توفر وسائل تعليمية مختلفة؛
كما يتطلَّب الأمر أيضًا كفاءةً كبيرة من المدرِّسين. وذلك كلُّه يشكِّل صعوبات
يحتاج التغلُّب عليها وقتًا طويلاً. يستطيع الأهل المساعدة في إنجاح هذه الطرق، على
أن يملكوا الحدَّ الأدنى من التدريب اللازم. وهنا تظهر ضرورة المرافقة الشخصية، أي
الدروس الخاصة، سواء من الأهل أو من أشخاص مدرَّبين، شريطة ألا تكون هذه الدروس
عبارة عن مساعدة الطالب في حلِّ وظيفته، أو حلِّها كليًّا عنه، كما هو شائع في أغلب
الحالات.


رابعًا: الدروس الخاصة


أحب أن أشير، أولاً، إلى أن الدروس الخاصة (وأفضِّل أن أسميها "المرافقة
الشخصية" في الدراسة) هي حاجة تخصُّ الطفل أكثر بكثير من البالغ. إن طالب
البكالوريا الذي يحتاج إلى دروس خاصة في الرياضيات هو، مبدئيًّا، غير جدير بأن يكون
طالب بكالوريا (إلا في حالات وظروف خاصة).


أعيد القول: إن مراحل التعليم الأولى تتطلَّب متابعةً وانتباهًا كبيرين.
ويلعب المربي الذي يرافق الطفل في دروسه (ويفضَّل أن يكون أحد الوالدين أو كليهما،
إذا كان مؤهَّلاً علميًّا) دورًا هامًّا في مساعدة الطالب على التغلب على الصعوبات
التي يمكن أن تعيقه والتي أوْردنا أمثلة عليها في بداية حديثنا هذا.[9]


إن المطلوب هو مراقبة الطالب في نموِّه الدراسي، والانتباه للسقوط المحتمل،
كما تراقب الوالدة طفلها عندما يبدأ المشي: إنها تترك له حرية المشي، وتخاطر
بإمكانية وقوعه، شريطة أن تراقبه دومًا، بحيث لا يكون السقوط مؤذيًا। أما منعه من
المشي تمامًا فلن يتيح له التعلُّم أبدًا. كذلك على المعلِّمة التي ترافق الولد في
نموِّه الدراسي أن توجِّه دراسته وتجعله يحل المسألة، حتى ولو أخطأ، ثم تصحح له؛ بل
ربما تعطيه مسألة إضافية إذا احتاج الأمر. أما بالنسبة للطلاب الذين بلغوا وعيًا
كافيًا، فمن المفترَض أن يستطيعوا تدبُّر أمورهم بأنفسهم أكثر، وأن يواجهوا ضعفهم
ويتغلَّبوا عليه.


باتت الدروس الخاصة وسيلة لتعليم الطالب كيف يصطاد العلامة وكيف ينجح، دون
أن يفهم، وكيف يحفظ طرق الحلِّ المختلفة، بغضِّ النظر عن الأساس النظري الذي تقوم
عليه. وإذا كنَّا نبني طالبًا يستوعب من الأساس ما يدرس، ويستطيع أن يفكِّر
رياضيًّا ويكتشف، فإن موضة الدروس الخصوصية لطلاب التاسع والبكالوريا ستتلاشى من
تلقاء نفسها.


ولنقل أخيرًا إن الطريقة الخطِّية المتَّبعة في الامتحان (التي لم تتغيَّر
منذ زمن طويل جدًّا) تشجع إمكانية أن يتعلَّم الطالب كيف يتصيَّد العلامة دون أن
يفهم! أريد القول إن الامتحان هو جزء من طريقة التعليم – وهو جزء هام منها؛ فعلينا
أن ننتبه إلى طرق الفحص، بحيث تخدم عملية الفهم، لا الحفظ.


خاتمة


لا يمكن فصل موضوع تعليم الرياضيات عن المسألة التربوية بشكل عام. ومع ذلك،
فإن لهذا الموضوع أهميته الخاصة. وإذا كان من المؤكد أننا لا نستطيع في وقت قصير
مناقشة جميع أوجُه الموضوع وتفاصيله والإحاطة به من جوانبه كافة، فقد حاولت أن أطرح
الموضوع بعموميته، متوجِّهًا، بشكل أساسي، إلى القائمين على العملية التربوية،
وخصوصًا إلى الأهل، وإلى معلِّمات المدارس وأساتذتها، لأقول لهم إن أولادنا يملكون
مواهب كبيرة، وإننا لا نساعدهم كثيرًا في صونها وتفتيحها.

ألاعداد النسبية {3}

{3}

الأعداد النسبية


التمهيد :



العدد +4 عدد موجب مسبوق بإشارة ( + ) . نُسمي العدد (
+4 ) عدد طبيعي .

العدد ( -4 ) هو سالب العدد ( +4 ) . يقابل كل عدد
طبيعي ( موجب ) عدد سالب يُسمى سالب العدد .

تُسمى الأعداد الطبيعية والأعداد السالبة المقابلة لها
والصفر بالأعداد الصحيحة .

العدد 5 عددٌ صحيح يُمكننا كتابته على صورة كسر بسطُهُ
عددٌ صحيح ( 5 ) ومقامُهُ عددٌ صحيح ( 1 )

نقول الكسر 1/5

بسطُهُ عددٌ صحيح ( 5 ) ومقامُهُ عددٌ صحيح ( 1 ).



الكسر 4/3

بسطُهُ عددٌ صحيح ( 3 ) ومقامُهُ عددٌ صحيح ( 4 ) .

وكذلك الكسر 4/-2

بسطُهُ عددٌ صحيح ( -2 ) ومقامُهُ عددٌ صحيح ( 4 ).




العدد النسبي

نُسمي العدد الذي يُمكن كتابته على صورة كسر بسطُهُ
عددٌ صحيح ومقامُهُ عددٌ صحيح بالعدد النسبي .

يُكتب العدد النسبي على الصُّورةِ ب/أ حيثُ
أ ، ب عددانِ صحيحانِ ، ب لا تساوي
صفراً.

مجموعة الأعداد النسبية هي المجموعة التي تشتمل على جميع الأعداد النسبية ، ونستخدم
الرمز للدلالة عليها

إنتهى

الاثنين، 19 مايو 2008

فيثاغورس {4}

{4}
فيثاغورس

ولد هذا المفكر حوالي عام 580 ق.م في جزيرة ساموس في بحر ايجه، باليونان، وجزيرة ساموس كانت إحدى المراكز التجارية المهمة في ذلك الوقت ، كما امتازت بثقافة مميزة.
وهذا أتاح لفيثاغورس، وهو ابن رجل ميسور، أن يتلقى أفضل تعليم ممكن آنذاك ، وحين بلغ السادسة عشرة من عمره بدأ يظهر نبوغه حتى عجز أساتذته عن الإجابة على أسئلته. لذا انتقل للتتلمذ على يد طالس الملطي، أول إغريقي أجرى دراسة عملية للإعداد.
أسس فيثاغورس مدرسته حوالي 529 ق.م في كروتونا، وهي ميناء إغريقي جنوب إيطاليا كان مزدهراً في تلك الحقبة، فالتحق بها عدد كبير من الطلاب. وكانت مدرسته أقرب لأن تكون فرقة دينية من أن تكون مدرسة بالمفهوم الصحيح للكلمة.
كان أعضاؤها يتعارفون بإشارة سرية، ويتشاركون في تملك جميع الأشياء، كما تعاهدوا على أن يعاون بعضهم بعضاً. تعرف نظرية فيثاغورس التي اقترنت باسمه، وتنص على أنه في المثلث قائم الزاوية، ويكون مربع الوتر، أي الضلع الأطول، مساوياً لمجموع مربعي الضلعين الآخرين.
واكتشف أيضاً مجموع الزوايا الثلاث لأي مثلث يساوي زاويتين قائمتين.
كما يعتقد بعضهم أنه هو الذي فكر في جدول الضرب المعروف، بالرغم من عدم وجود ما يثبت ذلك. افتتن فيثاغورس بالأرقام، وأشهر أقواله: (كل الأشياء أرقام).
وليس ذلك قولاً شاذاً، كما قد يبدو لأول وهلة، وأن كل شيء في العالم إنما يتكون من أعداد من الذرات مرتبة بأشكال مختلفة.
كان فيثاغورس يفكر أن الأعداد لها أشكال كالتي نراها في (زهر) الطاولة، وفكرة تسميته الأعداد (مربعة) أو (مكعبة) إنما هي فكرته هو.
لم يكن فيثاغورس مولعاً بالأعداد والهندسة فحسب وإنما بالعلوم الأخرى المعروفة، فضلاً عن شغفه بعلوم الدين لم تكن هناك كتب آنذاك منتشرة، فقد كانت الطريقة المفضلة لمواصلة الدراسة هي الارتجال ولقاء العلماء.
قضى فيثاغورس عدة أعوام في مصر. وفي الخمسين من عمره كان قد تعلم الكثير فأراد إنشاء مدرسة ليعلم الآخرين.
كانت دروس فيثاغورس تتناول درجات الحكمة الأربع:
الحساب، الهندسة، الموسيقى، الفلك، وواجبات الإنسان نحو الآخرين، والدين ، وكان يفرض على طلابه ممارسة فضائل المروءة والتقوى والطاعة والإخلاص، أي كل ما كان ينادي به المجتمع الإغريقي المثالي. الحياة النقية في رأي فيثاغورس، تعني حياة التقشف.
وهناك عدد من القواعد التي وضعها كانت أشبه بالطقوس الدينية وعلى سبيل المثال كان محظوراً على تلاميذه أن يقلبوا النار بقضيب من حديد، أو يلتقطوا ما وقع على الأرض، كانت الموسيقى لدى فيثاغورس ذات أهمية بالغة.
من تعاليم فيثاغورس أن الأرض والكون مستديران، ولهذا فإن التعليم المتكامل هو الذي يجمع بين الدراسة العلمية والقواعد الأخلاقية والدين.
كان تدريس فيثاغورس خليطاً من التصوف والتحليل العقلي.
وانغمس الفيثاغورسيون في السياسة، وكانوا كلما اكتسبوا مرتبة أو سلطاناً أظهروا الاحتقار للجماعات الجاهلة التي لا تستطيع أن تحيا حياة التأمل الرفيعة. وأدى ذلك إلى سقوطهم بعدما ثار الناس عليهم.
توفي فيثاغورس في الثمانين من عمره، وظلت تعاليمه ونظرياته تزداد انتشاراً !! بعد مائتي عام أقام مجلس الشعب (البرلمان) تمثالاً لفيثاغورس في روما تكريماً وتقديراً وعرفاناً بوصفه حكيماً إغريقيا كبيراً

حساب المثلثات {5}

{5}


حساب المثلثات


فرع من فروع الرياضيات يعالج العلاقات بين أضلاع وزوايا المثلثات والخصائص
والتطبيقات العملية للدوال المثلثية، وينقسم حساب المثلثات إلى فرعين: حساب
المثلثات المستوية ويتعامل مع أشكال تقع بأكملها في مستوى واحد وحساب المثلثات
الكروية ويتعامل مع المثلثات التي تعتبر جزءا أو مقطعا من سطح كرة.



وقد كانت أولى التطبيقات العملية لحساب المثلثات في مجالات الملاحة والمساحة
والفلك حيث كانت المشكلة الكبرى في كل هذه المجالات تحديد مسافة غير معلومة مثل
المسافة بين الأرض و القمر أو مسافة لا يمكن حسابها بصورة مباشرة مثل المسافة التي
تغطي بحيرة كبيرة. ومن بين التطبيقات العملية الأخرى لحساب المثلثات استخدام هذا
العلم في الفيزياء والكيمياء وكل فروع الهندسة تقريبا خاصة في دراسة الظواهر
المتكررة مثل الموجات الصوتية أو تدفق تيار متناوب.


وتعرف الدوال الستة المثلثية الأكثر استخداما على النحو التالي:
جا أ = ر / س، جتا أ = ر / ص ، ظا أ = س / ص
ظتا أ= ص / س، قا أ = س / ر، قتا أ = ص / ر
حيث أن (ر) وتر المثلث وكل من (س) و(ص) ضلعيه، وأن ر2 = س2 + ص2 حسب نظرية
فيثاغورس للمثلث القائم الزاوية. وأن (س) و(ص) لا يتغيران إذا أضيفت الزوايا
الدائرية (2 ط) على الزاوية، بمعنى أنه إذا أضيف 360ْ إلى الزاوية فإن جا (أ + 2 ط)
= جا أ ، وهناك عبارات أخرى تنطبق على الدوال الخمس الأخرى. وتعتبر ثلاثة من هذه
الدوال عكس الثلاثة الأخرى بمعنى أن:


ظتا أ = ظا أ / 1 ، قا أ = جتا أ / 1 ، قتا أ = جا أ / 1


وإذا كانت أ، ب، ج هي الزوايا الثلاثة لمثلث، وكانت س ص ع هي الأضلاع
المقابلة الخاصة بكل من هذه الزوايا، بالتالي يمكن إثبات أن:

جا أ / س = جا أ / ص = جا أ / ع


ويمكن أن تأخذ قوانين جيب التمام (جتا) والمماسات أشكالا أخرى بالتناوب بين
الحروف الزوايا (أ ب ج) والأضلاع (س ص ع).


ويمكن استخدام هذه العلاقات الثلاثة في حل أي مثلث بمعنى أنه يمكن الوصول
إلى الزوايا أوالأضلاع المجهولة عند معرفة: ضلع واحد وزاويتين، أو الضلعين والزاوية
المحصورة بينهما، أو ضلعين وزاوية مقابل أي منهما (عادة ما يكون هنالك مثلثان في
هذه الحالة) أو كل الأضلاع الثلاثة.



نبذة تاريخية




يعود تاريخ حساب المثلثات إلى أقدم ما دون عن الرياضيات في مصر وبابل، حيث
قاس البابليون الزوايا بالدرجات والدقائق والثواني. وحتى عصر اليونانيين، لم يوجد
أي تطور ملحوظ في حساب المثلثات، وفي القرن الثاني قبل الميلاد، وضع الفلكي
هيباركوس جدول مثلثي لحل المثلثات، حيث بدأ بــ 7.5ْ حتى وصل إلى 180ْ بدرجات
مقدارها 7.5ْ، وقد أعطى الجدول لكل زاوية طول الوتر المقابل لهذه الزاوية في دائرة
ذات نصف قطر ثابت ر. ومثل هذا الجدول مكافئ لجدول الجيب ، ولم تكن القيمة التي
استخدمها هيباركوس لنصف القطر (ر) محددة، ولكن بعد مضي 300 عام استخدم الفلكي
بطليموس (ر)= 60 لأن اليونانيين قد أخذوا نظام الأرقام الستينية البابلي.




وقد ذكر بطليموس في كتابه المجسطي جدول أوتار لدرجات النصف من صفر إلى 180ْ
وهي تعادل (3600 / 1 ) من الوحدة، كما أنه قد شرح أيضا طريقة عمله لجدول الأوتار
هذا، وفي عرضه للكتاب ذكر أمثلة عديدة على كيفية استخدام الجدول للتوصل إلى الأجزاء
المجهولة من المثلثات من خلال الأجزاء المعروفة، وقد ذكر بطليموس ما يعرف الآن باسم
نظرية مينيلوس لحل المثلثات الكروية، ولقرون عديدة كان ما دونه بطليموس في حساب
المثلثات المقدمة الأساسية للموضوعات التي يتناولها أي فلكي.


وفي نفس عصر بطليموس تقريبا، طور الهنود نظاما لحساب المثلثات يعتمد على
دالة الجيب وليس على دالة الوتر التي اعتمد عليها اليونانيون، وعلى عكس الدالة
الحديثة، لم تكن دالة الجيب هذه نسبة وإنما كانت ببساطة طول الضلع المقابل للزاوية
في مثلث قائم الزوايا ذي وتر ثابت محدد، هذا وقد استخدم الهنود قيما متعددة لوتر
المثلث القائم الزاوية.


وفي نهاية القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي، ورث الفلكيون المسلمون
التراث اليوناني والهندي واستخدموا دالة الجيب، وبحلول نهاية القرن الرابع الهجري /
العاشر الميلادي، كانوا قد أكملوا الجيب والدوال الخمس الأخرى، كما وضعوا العديد من
النظريات الأساسية في حساب المثلثات تتعلق بكل من المثلثات المستوية والكروية.


فقد رأى البيروني أن الفترات المتساوية بين الزوايا لا تقابلها تغيرات
متساوية في النسب المثلثية ، فأثبت صحتها بالطرق الهندسية، وقام بعمل جداول للجيب
لكل ربع درجة بدلا من الجداول المعروفة آنذاك، وقد قام بإيجاد طول الوتر في دائرة
يقابل زواية قدرها 40ْ عند المركز، وكان هدفه إيجاد الأوتار التي تقابل من الدورة
الكاملة ثلثها وربعها وخمسها، وقد تمكن من استنتاج قوانين مبسطة لحساب قيم هذه
الأوتار فيما عدا وتري السبع والتسع، كما استنتج قوانين لوتر مجموع زاويتين أو
الفرق بينهما أو قيمة نصف الزاوية مستخدما طريقة التقريب المتتابع.


ثم طور الطوسي من نظريات جيب الزاوية إلى ما هي عليه الآن مستعملا المثلث
المستوي، وعمل في ذلك الجداول الرياضية له ، كما قدم قاعدة الأشكال المتتامة وهي
الصورة المبسطة لقانون الجيوب الذي يقضي بأن جيوب الزوايا تتناسب مع الأضلاع
المقابلة لها.



أما الكاشي فقد حسب جداول جيب الدرجة الأولى، واستخدم ذلك في معادلة ذات
الدرجة الثالثة في معادلاته المثلثية ويقول في ذلك: " إذا علم جيب قوس، وأريد معرفة
جيب ثلاثة أمثالها، يضرب مكعب ذلك الجيب في أربع ثوان، وينقص الحاصل من ثلاثة
أمثاله، فالباقي هو الجيب المطلوب" وصورة ذلك على مايلي:

(جا 3س = 4جا س2 - 3جا س).


كما توصل المسلمون أيضا إلى المثلث القطبي للمثلثات الكروية، وقد طبقت كل
هذه الاكتشافات في أغراض فلكية، واستخدمت كوسيلة مساعدة في حساب الوقت فلكيا، وفي
التوصل إلى اتجاه مكة المكرمة لأداء الصلوات الخمس التي فرضتها الشريعة الإسلامية،
كما توصل العلماء المسلمون إلى جداول ذات دقة عالية، فعلى سبيل المثال الجداول التي
وضعوها للجيب والمماس كانت دقيقة جدا بنسبة أكبر من جزء واحد من 700 مليون.


وقد اهتم الطوسي بعلم حساب المثلثات الكروية اهتماما بالغا ووصل فيها شأوا،
فكان أول من قدم المتطابقات المثلثية للمثلث الكروي قائم الزاوية. أما ابن يونس فقد
ابتكر القانون المعروف في حساب المثلثات


(جتا أ جتا ب =2 / 1 [ جتا (أ + ب ) + جتا ( أ- ب)])

الذي يقضي بتحويل عملية الضرب إلى عملية جمع، فكان بذلك واضعا أول حجر في
تطوير علم اللوغاريتمات. ولقد اشتغل البتاني بالأعمال الفلكية الموجهة إلى حساب
المثلثات، وكان يستخدم الجيوب بانتظ ام مع يقين واضح من تفوقها على الأوتار التي
استعملها الإغريق من قبل. وقد أكمل إدخال دوال الظل وظل التمام، وعمل جدولا لظل
التمام بدلالة الدرجات على أساس العلاقة (ظتا أ = جتا أ / جا أ). كما عرف العلاقة
بين الأضلاع والزوايا في المثلث الكروي العام والتي يعبر عنها بالمعادلة



(جتا أ = جتاب. جتا جـ + جا ب. جا جـ).


وبعد ذلك، تعرف الغرب على ما صاغه المسلمون في علم حساب المثلثات من خلال
ترجمة كتب الفلك العربية وقد بدأت حركة الترجمة في القرن الثاني عشر، وقد كان أول
عمل غربي يكتب في هذا الموضوع من تأليف الفلكي والرياضي الألماني يوهان مولر وقد
سمى كتابه ريجيو مونتانوس .


وفي القرن التالي، توصل الفلكي الألماني جورج يوأخيم المعروف باسم ريتيكس
إلى المفهوم الحديث لدوال حساب المثلثات على أنها نسب وليست أطوال خطوط معينة. أما
الرياضي الفرنسي فرانسوا فيتي فقد أدخل المثلث القطبي في حساب المثلثات الكروية وقد
ذكر الصيغ المتعددة الزوايا للجيب وجيب التمام من خلال قدرة الجيب وجيب التمام.


وقد خطا حساب المثلثات خطوات كبيرة إلى الأمام في أوائل القرن السابع عشر
على يد عالم الرياضيات الأسكتلندي جون نابير الذي اخترع اللوغاريتمات، كما اخترع
أيضا بعض القوانين المساعدة للذاكرة لحل المثلثات الكروية وكذا بعض النسب لحل
المثلثات الكروية المائلة.


وبعد نصف قرن تقريبا من نشر نابير للوغاريتمات التي وضع أسسها ابن يونس،
توصل إسحاق نيوتن إلى حساب التفاضل والتكامل. وكان من ضمن الأساسيات التي اعتمد
عليها هذا العمل تقديم نيوتن للعديد من الدالات على أنها متسلسلات لا نهائية في
قدرات (س). ومن ثم فقد توصل نيوتن إلى متسلسلة الجيب (س) ومتسلسلة مماثلة لجيب
التمام (س) وظا (س). ومع اختراع حساب التفاضل والتكامل، أعيد النظر في تحليل الدوال
المثلثية حيث ما زالت تلعب دورا هاما في كل من الرياضيات البحتة والتطبيقية.


وأخيرا، وفي القرن الثامن عشر، عرف الرياضي السويسري ليونهارد يولر الدوال
المثلثية على أنها أعداد مركبة، وقد أدى هذا إلى أن جعل مادة حساب المثلثات بأكملها
تطبيقا واحدا من التطبيقات العملية الكثيرة للأعداد المركبة، وأظهر أن القوانين
الأساسية للرياضيات مجرد نتائج لحساب هذه الأعداد.

ملخص لهندسة الدائرة والمثلثات {6}



{6}

ملخص لهندسة
الدائرة والمثلثات




1) إذا تساوت الأوتار ( أ حـ = هـ حـ) فإن:



1) تساوت الزوايا المحيطية المرسومة على أقواسها.
ق< ب = ق< د





2)تساوت الزوايا المركزية المرسومة على أقواسها.
ق.<أ م حـ = ق<هـ م حـ



3) تساوي أبعادها عن المركز.
م و = م ن


4) تساوت أقواسها. القوس أ ل حـ = القوس هـ ك حـ


لدينا هنا خمسة : وتر، قوس، زاوية محيطية، زاوية مركزية، بعد


تحقق أي منها يتحقق الأربع الآخرون.





* الزاوية المركزية تساوي ضعف الزاوية المحيطية المشتركة معها في نفس القوس



2) ل ن مماس للدائرة م فإن م ن (نصف القطر) يكون عمودياً على المماس ل ن أي: م ن ^ ل ن






3) حـ د وتراً في الدائرة م ، م هـ^ حـ د فإن هـ منتصف حـ د والعكس صحيح أي:



هـ منتصف حـ د فإن م هـ^ حـ د
4) أ ب قطراً في الدائرة م فإن ق<(أ ك ب) = 90ه


5) ل ن مماس للدائرة م، ل س ك قاطع للدائرة م فإن: (ل ن)2 = ل س × ل ك


6) تسمى زاوية أم ن مركزية والزاوية أ ك س بالمحيطية



7) أي مستقيم في مستوى الدائرة أما أن:


يقطع الدائرة في نقطيتين فهو وتر


يقطع الدائرة في نقطة فهو مماس


لا يقطع الدائرة فهو خارجها




8) أي نقطة في مستوى الدائرة أما أن:

تكون داخلها فيكون بعدها عن المركز أقل من نصف قطر الدائرة
تكون على محيطها فيكون بعدها عن المركز يساوي نصف قطر الدائرة
تكون خارجها فيكون بعدها عن المركز أكبر من نصف قطر الدائرة


9) أي ثلاث نقط ليست على استقامة واحدة تمر بها محيطة دائرة واحدة فقط











10) المستقيم العمودي على نصف قطر الدائرة عند نهايته يكون مماساً للدائرة.


أ ب ^ نق ( أ م )


11) لا يمكن رسم سوى مماس واحد فقط من نقطة على محيط الدائرة.


مثل المماس أ ب


12) العمود المقام على المماس من نقطة تماسه مع الدائرة يمر بمركز الدائرة مثل أ م

13) العمود النازل من مركز الدائرة على المماس يمر بنقطة التماس.


أ م عمودي على المماس أ ب عند نقطة أ



14) إذا رسم مماسان من نقطة خارج الدائرة فإن:


أ) المماسان متساويان ( ل ك = ل ن )



ب) يحصران عند المركز زاويتان متساويتان (< ل م ك = < ل م ن )

ج) يميلان بزاويتين متساويتين على المستقيم الواصل من النقطة لمركز الدائرة ( < م ل ك = < م ل ن )



15) الزاوية المحصورة بين المماس والوتر تساوي الزاوية المحيطية المرسومة على الوتروالعكس صحي
< ب أ ص = < أ س ص


16) إذا تماس محيطا دائرتين فإن نقطة التماس تقع على خط المركزين


17) إذا كانت الدائرتان متماستان من الخارج فإن البعد بين المركزين يساوي مجموع نصفي قطريهما.



18) إذا كانت الدائرتان متماستان من الداخل فإن البعد بين المركزين يساوي الفرق بين نصفي قطريهما



19) المماس المشترك لدائرتين هو المار المستقيم المار بنقطة تماسهما




20) المماس المشترك لدائرتين يكون عمودياً على خط المركزين.


21) المماسان المرسومان من نقطة واحدة للدائرة متساويان و أ = و هـ


22) الزاوية المحصورة بين المماس والوتر تساوي الزاوية المحيطية المرسومةعلى هذا
الوتر ق<(و أ ب) = <(أ حـ ب)




23) في الشكل الرباعي الدائري أ ب حـ د يكون:


أب × حـ د + ب حـ × أ د = أ حـ × ب د
كل زاويتين متقابلتين مجموعهم 180ه والعكس صحيح


24) الزوايا المحيطية المرسومة على قوس واحد متساوية


25) المماسان المرسومان من طرفي قطر للدائرة متوازيان


26) المستقيم الواصل من نقطة و لمركز الدائرة ينصف زاوية و


27) في المثلث القائم إذا أنزل عمود من رأس القائمة على الوتر فإن


مربع العمود = حاصل ضرب جزئي الوترأ قائمة ، أ د عمودي علي ب حـ ( أ د )2 = ب د × حـ د ، ( أ ب )2 = ب د × ب حـ ، ( أ حـ )2 = حـ د × حـ ب




حساب المثلثات

فرع من فروع الرياضيات يعالج العلاقات بين أضلاع وزوايا المثلثات والخصائص
والتطبيقات العملية للدوال المثلثية، وينقسم حساب المثلثات إلى فرعين:
حساب
المثلثات المستوية ويتعامل مع أشكال تقع بأكملها في مستوى واحد وحساب المثلثات
الكروية
ويتعامل مع المثلثات التي تعتبر جزءا أو مقطعا من سطح كرة.


وقد كانت
أولى التطبيقات العملية لحساب المثلثات في مجالات الملاحة والمساحة والفلك حيث كانت المشكلة
الكبرى في كل هذه المجالات تحديد مسافة غير معلومة مثل المسافة بين
الأرض والقمر
أو مسافة لا يمكن حسابها بصورة مباشرة مثل المسافة التي تغطي بحيرة كبيرة. ومن بين
التطبيقات العملية الأخرى لحساب المثلثات استخدام هذا العلم في الفيزياء والكيمياء وكل فروع

الهندسة تقريبا خاصة في دراسة الظواهر المتكررة مثل الموجات الصوتية
أو تدفق تيار متناوب.

وتعرف الدوال الستة المثلثية الأكثر استخداما على النحو التالي:

جا أ = ر / س، جتا أ = ر / ص ، ظا أ = س / ص
ظتا أ= ص / س، قا أ = س / ر،قتا أ = ص / ر


حيث أن (ر) وتر المثلث وكل من (س) و(ص) ضلعيه، وأن ر2 = س2 + ص2
حسب نظرية فيثاغورس للمثلث القائم الزاوية. وأن (س) و(ص) لا يتغيران إذا
أضيفت
الزوايا الدائرية (2 ط) على الزاوية، بمعنى أنه إذا أضيف 360ْ إلى الزاوية
فإن جا
(أ + 2 ط) = جا أ ، وهناك عبارات أخرى تنطبق على الدوال الخمس الأخرى.

وتعتبر ثلاثة من هذه الدوال عكس الثلاثة الأخرى بمعنى أن:

ظتا أ = ظا أ / 1 ، قا أ = جتا أ / 1 ، قتا أ = جا أ / 1

وإذا كانت أ، ب، ج هي الزوايا الثلاثة لمثلث،
وكانت س ص ع هي الأضلاع المقابلة الخاصة بكل من هذه الزوايا، بالتالي يمكن
إثبات أن:

جا أ / س = جا أ / ص = جا أ / ع

ويمكن أن تأخذ قوانين جيب التمام (جتا) والمماسات أشكالا أخرى بالتناوب بين الحروف الزوايا (أ ب ج) والأضلاع (س ص ع).

ويمكن استخدام هذه العلاقات الثلاثة في حل أي مثلث بمعنى أنه يمكن الوصول إلى
الزوايا أوالأضلاع المجهولة عند معرفة: ضلع واحد وزاويتين، أو الضلعين والزاوية

المحصورة بينهما، أو ضلعين وزاوية مقابل أي منهما (عادة ما يكون هنالك مثلثان في هذه الحالة) أو كل الأضلاع الثلاثة.



نبذة تاريخية


يعود تاريخ حساب المثلثات إلى أقدم ما
دون عن الرياضيات في مصر وبابل، حيث قاس البابليون الزوايا بالدرجات
والدقائق
والثواني. وحتى عصر اليونانيين، لم يوجد أي تطور ملحوظ في حساب المثلثات،

وفي القرن الثاني قبل الميلاد، وضع الفلكي هيباركوس جدول مثلثي لحل المثلثات، حيث
بدأ بــ 7.5ْ حتى وصل إلى 180ْ بدرجات مقدارها 7.5ْ، وقد أعطى الجدول لكل زاوية طول
الوتر المقابل لهذه الزاوية في دائرة ذات نصف قطر ثابت ر. ومثل هذا الجدول مكافئ
لجدول الجيب ، ولم تكن القيمة التي استخدمها هيباركوس لنصف القطر (ر) محددة، ولكن
بعد مضي 300 عام استخدم الفلكي بطليموس (ر)= 60 لأن اليونانيين قد أخذوا نظام
الأرقام الستينية



وقد ذكر بطليموس في كتابه المجسطي جدول أوتار لدرجات النصف من
صفر إلى 180ْ وهي تعادل (3600 / 1 ) من الوحدة، كما أنه قد شرح أيضا طريقة
عمله
لجدول الأوتار هذا، وفي عرضه للكتاب ذكر أمثلة عديدة على كيفية استخدام الجدول
للتوصل
إلى الأجزاء المجهولة من المثلثات من خلال الأجزاء المعروفة، وقد ذكر
بطليموس
ما يعرف الآن باسم نظرية مينيلوس لحل المثلثات الكروية، ولقرون عديدة كان
ما دونه
بطليموس في حساب المثلثات المقدمة الأساسية للموضوعات التي يتناولها أي

فلكي.



وفي نفس عصر بطليموس تقريبا، طور الهنود نظاما لحساب المثلثات يعتمد على دالة
الجيب وليس على دالة الوتر التي اعتمد عليها اليونانيون، وعلى عكس الدالة
الحديثة،
لم تكن دالة الجيب هذه نسبة وإنما كانت ببساطة طول الضلع المقابل للزاوية
في مثلث
قائم الزوايا ذي وتر ثابت محدد، هذا وقد استخدم الهنود قيما متعددة لوتر
المثلث
القائم الزاوية.



وفي نهاية القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي، ورث
الفلكيون المسلمون التراث اليوناني والهندي واستخدموا دالة الجيب، وبحلول نهاية
القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، كانوا قد أكملوا الجيب والدوال الخمس الأخرى،
كما وضعوا العديد من النظريات الأساسية في حساب المثلثات تتعلق بكل من
المثلثات
المستوية والكروية.

فقد رأى البيروني أن
الفترات المتساوية بين الزوايا لا تقابلها تغيرات متساوية في النسب المثلثية ،
فأثبت
صحتها بالطرق الهندسية، وقام بعمل جداول للجيب لكل ربع درجة بدلا من الجداول

المعروفة آنذاك، وقد قام بإيجاد طول الوتر في دائرة يقابل زواية قدرها 40ْ عند
المركز، وكان هدفه إيجاد الأوتار التي تقابل من الدورة الكاملة ثلثها وربعها
وخمسها، وقد تمكن من استنتاج قوانين مبسطة لحساب قيم هذه الأوتار فيما عدا وتري
السبع والتسع، كما استنتج قوانين لوتر مجموع زاويتين أو الفرق بينهما أو قيمة نصف
الزاوية مستخدما طريقة التقريب المتتابع.


ثم طور
الطوسي من نظريات جيب
الزاوية إلى ما هي عليه الآن مستعملا المثلث المستوي، وعمل في ذلك
الجداول
الرياضية له ، كما قدم قاعدة الأشكال المتتامة وهي الصورة المبسطة لقانون

الجيوب الذي يقضي بأن جيوب الزوايا تتناسب مع الأضلاع المقابلة لها.

أما الكاشي فقد حسب جداول
جيب الدرجة الأولى، واستخدم ذلك في معادلة ذات الدرجة الثالثة في
معادلاته
المثلثية ويقول في ذلك: " إذا علم جيب قوس، وأريد معرفة جيب ثلاثة

أمثالها، يضرب مكعب ذلك الجيب في أربع ثوان، وينقص الحاصل من ثلاثة أمثاله، فالباقي
هو الجيب المطلوب" وصورة ذلك على مايلي:


(
جا 3س = 4جا س2 - 3جا س).


كما
توصل المسلمون أيضا إلى المثلث القطبي للمثلثات الكروية، وقد طبقت كل هذه
الاكتشافات في أغراض فلكية، واستخدمت كوسيلة مساعدة في حساب الوقت فلكيا، وفي التوصل إلى اتجاه


مكة المكرمة
لأداء الصلوات الخمس التي فرضتها الشريعة الإسلامية، كما توصل العلماء
المسلمون إلى جداول ذات دقة عالية، فعلى سبيل المثال الجداول التي وضعوها للجيب والمماس
كانت دقيقة جدا بنسبة أكبر من جزء واحد من 700 مليون.



وقد اهتم الطوسي بعلم حساب المثلثات الكروية اهتماما بالغا ووصل فيها شأوا، فكان أول من قدم
المتطابقات المثلثية للمثلث الكروي قائم الزاوية. أما



ابن يونس
فقد ابتكر القانون المعروف في حساب المثلثات (جتا أ جتا ب =2 / 1 [ جتا (أ + ب ) + جتا ( أ- ب)])


الذي يقضي بتحويل عملية الضرب إلى عملية جمع، فكان بذلك واضعا أول حجر في تطوير علم


اللوغاريتمات.

ولقد اشتغل البتانيبالأعمال الفلكية الموجهة إلى حساب المثلثات، وكان يستخدم الجيوب بانتظ ام مع يقين واضح من
تفوقها على الأوتار التي استعملها الإغريق من قبل. وقد أكمل إدخال دوال
الظل وظل التمام، وعمل جدولا لظل التمام بدلالة الدرجات على أساس العلاقة (ظتا أ = جتا أ / جا أ). كما عرف العلاقة بين الأضلاع والزوايا في المثلث الكروي العام والتي يعبر عنها بالمعادلة

(
جتا أ = جتاب. جتا جـ + جا ب. جا جـ).

وبعد ذلك، تعرف الغرب على ما صاغه المسلمون في علم حساب المثلثات من خلال ترجمة كتب الفلك العربية وقد بدأت
حركة الترجمة في القرن الثاني عشر، وقد كان أول عمل غربي يكتب في هذا

الموضوع من تأليف الفلكي والرياضي الألماني يوهان مولر وقد سمى كتابه ريجيو مونتانوس .

وفي القرن التالي، توصل الفلكي الألماني جورج يوأخيم المعروف باسم
ريتيكس إلى المفهوم الحديث لدوال حساب المثلثات على أنها نسب وليست أطوال خطوط

معينة. أما الرياضي الفرنسي فرانسوا فيتي فقد أدخل المثلث القطبي في حساب المثلثات
الكروية وقد ذكر الصيغ المتعددة الزوايا للجيب وجيب التمام من خلال قدرة الجيب وجيب التمام.


وقد خطا حساب المثلثات خطوات كبيرة إلى الأمام في أوائل القرن السابع عشر على
يد عالم الرياضيات الأسكتلندي جون نابير الذي اخترع اللوغاريتمات، كما

اخترع أيضا بعض القوانين المساعدة للذاكرة لحل المثلثات الكروية وكذا بعض النسب لحل
المثلثات الكروية المائلة.


وبعد نصف قرن تقريبا من نشر نابير للوغاريتمات التي
وضع أسسها ابن يونس، توصل إسحاق نيوتن إلى حساب التفاضل والتكامل. وكان من ضمن
الأساسيات التي اعتمد عليها هذا العمل تقديم نيوتن للعديد من الدالات على أنها
متسلسلات لا نهائية في قدرات (س). ومن ثم فقد توصل نيوتن إلى متسلسلة الجيب (س)
ومتسلسلة مماثلة لجيب التمام (س) وظا (س). ومع اختراع حساب التفاضل والتكامل، أعيد
النظر في تحليل الدوال المثلثية حيث ما زالت تلعب دورا هاما في كل من الرياضيات
البحتة والتطبيقية.


وأخيرا، وفي القرن الثامن عشر، عرف الرياضي السويسري
ليونهارد يولر الدوال المثلثية على أنها أعداد مركبة، وقد أدى هذا إلى أن جعل مادة
حساب المثلثات بأكملها تطبيقا واحدا من التطبيقات العملية الكثيرة للأعداد المركبة،
وأظهر أن القوانين الأساسية للرياضيات مجرد نتائج لحساب هذه الأعداد.





إنتهى ...